العنكبوت

الاخبار | مقالات سياسية | إجتماعيه | رياضية

المقالات

أضعف حلقات مكونات الدولة السودانية

في خضم الفوضى السياسية والانفلات الأمني والتحديات الاقتصادية التي تعصف بالسودان، يواجه النظام الحزبي في البلاد مآزق كبرى تجعله من أضعف حلقات مكونات الدولة السودانية اليوم، وعلي ضوء المعلومات عن عقد جلسة طارئة للاتحاد الإفريقي في منتصف شهر فبراير الجاري، وقد تبرز أهمية الدعوة إلي تشكيل حكومة مدنية لا تخلو من المكونات الحزبية التي أثبتت محدوديتها وعدم نجاحها في مواجهة الأزمات المستمرة ومناقشة فك تجميد عضوية السودان وقضايا السلام فيه.
نقول الأحزاب السياسية السودانية خلال الحرب أظهرت ضعف الأداء وقلة الفاعلية، حيث كانت فاعليتها محصورة في دعم أحد طرفي الصراع والمناكفات السياسية بينهما، مما أثر بشكل مباشر علي استقرار البلاد، ولم تستطع الأحزاب تقديم الحلول المطلوبة للتحديات المعقدة التي تواجه الشعب السوداني..
إن القفز عن الهوة الواسعة بين الشعب والقيادة الحزبية قد يصبح ضرورة ملحة إذا ما أراد السودان أن يتوجّه نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً فإعادة تشكيل السلطة السيادية بعيداً عن الأجندات الحزبية قد يمثل السبيل الأمثل لتجاوز الانقسامات التي نالت من عصب الحياة السياسية وليس كما متوقع أن يناقش في ردهات الاتحاد الافريقي في جلسة منتصف فبراير، من هنا تأتي الحاجة الملحة لدعوات الاتحاد الإفريقي المتوقعة إن ارتأت فعلاً ضرورة تكوين حكومة مدنية بإعادة النظر في الصيغة التقليدية للحكم، والبحث في بدائل عقلانية من شأنها ضمان مشاركة تمثيلية أوسع وأكثر فعالية بعيدة عن قيود الانتماءات الحزبية.
إن التوجه نحو حكم مدني بلا مقومات حزبية يحمل في طياته الكثير من الآمال، لكنه يتطلب رؤية جديدة لصياغة العلاقات السياسية في السودان، فبدلًا من التركيز علي هياكل حزبية تقليدية يجب أن يكون الولاء للشعب وللأفكار التي تخدم مصلحته ورغباته مما يستدعي منهجية جديدة في الحكم راغبة في تحقيق التنمية والتقدم.
علي الإتحاد الافريقي أن يسع لتعزيز الهويات المدنية والنظر إلي المواطنين كمشاركين فاعلين في صناعة القرار، هو السبيل لتجسيد تطلعات الشعب السوداني نحو الوحدة والتنمية، ستبقى الأسئلة مطروحة: هل يمكن للأحزاب التي أظهرت ضعفها أن تترك المجال لقيادات جديدة تتجاوز الأطر السياسية التقليدية قادرة علي استيعاب تطلعات شعب أثبت قدرته على التغيير؟ والجواب لن يتضح إلا من خلال الفعل الذي سيتبلور في جلسة الاتحاد الإفريقي الطارئة والتي قد تسهم في رسم معالم مستقبل السودان، فإن الأمل لا يزال معقوداً علي القدرة علي إعادة تشكيل المشهد السياسي في السودان بعيداً عن قيود الحزبية التي أربكت مسار الدولة نحو استراتيجيات تقود إلي حكومة مدنية شاملة تعكس تطلعات الجميع.

يمكنك مشاركة هذا المحتوى :

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *