العنكبوت

الاخبار | مقالات سياسية | إجتماعيه | رياضية

المقالات

وسائل الإعلام في السودان: بين تشكيل الرأي العام وصراع الحقيقة والتضليل

في ظل مشهد متشابك بين الفوضى والأمل في السودان، تلعب وسائل الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام، خصوصًا خلال الأزمات والحروب. فهي ليست مجرد ناقل للأخبار، بل تمثل مرآة تعكس الواقع بتعقيداته، مما يجعلها أداة قادرة على التأثير في سلوك الأفراد ومواقفهم تجاه القضايا المطروحة. في زمن الحرب، يصبح السؤال الأهم: هل تستطيع وسائل الإعلام السودانية التصدي للتحديات المعقدة التي تتجاوز حدود الأخبار التقليدية؟

بينما تسعى بعض المنصات إلى نقل معاناة الشعب السوداني وأمله في مستقبل أفضل، تستغل جهات أخرى الإعلام لنشر الانقسام والتحريض. وبذلك، يتحول الإعلام إلى سلاح ذي حدين: إما أداة لبناء الوعي وتعزيز الوحدة، أو وسيلة لنشر الكراهية وإشعال الفتن. ومن هنا، يمكن تشبيه دوره في السودان برواية تتداخل فيها مشاعر الحب والكراهية، الأمل واليأس، ليؤكد في النهاية أن الحقيقة دائمًا أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه.

الشفافية: حجر الأساس للإعلام المسؤول

لكي تحقق وسائل الإعلام رسالتها الحقيقية، لا بد أن تتبنى مبدأ الشفافية. فالشعب السوداني، الذي عانى ويلات الحرب، بحاجة إلى معلومات موثوقة تمنحه رؤية واضحة لما يجري حوله. التقارير الصحفية النزيهة، القائمة على الأدلة والحقائق، تعزز من وعي المواطن وتساعد في بناء جسور الثقة بين الإعلام والجمهور، وبين الحكومة والشعب. عندما يشعر المواطن بأنه يمتلك صورة متكاملة ودقيقة عن القضايا التي تؤثر على حياته، تنشأ بيئة من الثقة والدعم المتبادل.

لكن في بيئات مضطربة، يصبح تحقيق الشفافية تحديًا حقيقيًا. لذا، فإن تحسين قنوات الاتصال بين الإعلام والجمهور، وخلق منصات للنقاش الحر، يعدان خطوات أساسية نحو إعلام أكثر مصداقية. فالمجتمع السوداني، الذي يسعى باستمرار نحو التحرر والتنمية، بحاجة إلى إعلام مسؤول يسهم في توجيه الرأي العام استنادًا إلى الحقائق، وليس الأجندات السياسية أو المصالح الشخصية.

الإعلام بين الحقيقة والتضليل

في ظل انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات، تزداد مسؤولية الإعلام في نقل الحقيقة دون تحريف. فبدون إعلام موثوق، يبقى الرأي العام عرضة للتلاعب والخداع. ولهذا، ينبغي أن تكون وسائل الإعلام السودانية كما وصفها نجيب محفوظ ذات يوم: “في قلب المعركة من أجل الحقيقة”، تتحمل مسؤولية التنوير والتثقيف بروح من الأمل والثقة، مقدمةً صورة شاملة وموضوعية للواقع، تسهم في توحيد الشعب السوداني لمواجهة التحديات.

إن بناء سودان مستقر لا يتحقق إلا بوجود إعلام شفاف ومهني، يرفع راية الإصلاح، ويُكرّس لثقافة السلام والتعايش، بعيدًا عن خطاب الكراهية والتضليل. عندها فقط، يمكن للإعلام أن يكون قوة إيجابية في بناء مستقبل أكثر إشراقًا للسودان.

يمكنك مشاركة هذا المحتوى :

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *