من. د.مهند عثمان التوم إلى سعادة رئيس الوزراء د.كامل إدريس، أكتب إليك كمواطن يحمل أمانة وطنية يطمح أن ينعم هذا البلد بمستقبله المشرق، وأن ينهض رغم التحديات التي تواجهه مستعيناً بإرادته وموارده الغنية وبحكمة قيادته، أتوجه بكلمات ليست مجرد نصائح، بل هي صرخة من القلب نابعة من واقع أليم وتطلعات عظيمة، السودان اليوم ليس السودان الذي عرفناه، فالحرب مزقت أوصاله، وأشعلت نار الفتنة في كل زاوية، وتهدد وجوده كدولة موحدة، مهمتكم ليست مجرد إدارة بل هي إنقاذ وطن، يتميز بموقع جغرافي فريد يمتد على مساحة شاسعة تضاهي عدة دول أفريقية وعربية مجتمعة، منها أكبر حوض مائي وأهم المراعي المفتوحة، وهو غني بالموارد الطبيعية من معادن وبترول وذهب ومواد خام متنوعة رغم ذلك، اعلم سعادة رئيس الوزراء بأنه لم يستغل كامل إمكاناته بعد، بلد متنوع إثنياً ولغوياً، يمتاز بنسيج اجتماعي فريد يجمع بين العرب والأفارقة، مع حضارات وتراث يمتد عبر آلاف السنين، وهو بلد أفريقي في جوهره، ولكنه يُحمل تراثاً عربياً، يقع على مفترق الطرق بين القارة الأفريقية والعالم العربي، ما يمنحه دوراً استراتيجياً وسياسياً فاعلاً، في الوقت الراهن يعيش اشكاليات في الهوية والانتماء بسبب خطابات الكراهية والعنصرية، لا مستقبل لسودان ممزق، المصالحة الوطنية هي السبيل الوحيد لبناء الثقة بين مكونات المجتمع وتوحيد الجبهة الداخلية، بحوار شامل هو الأساس.
د.كامل إدريس: التحديات الداخلية وأهمية العدالة والتنمية
الميزان السياسي والاجتماعي صار بحاجة إلى إصلاح عميق، من خلال سياسات عادلة تكفل حماية حقوق الإنسان وتثبيت الأمن المجتمعي، وجسور للحوار السوداني السوداني، مستعينين بخبرات تجارب ناجحة مثل رواندا والبرازيل، لضمان استقرار داخلي ينهض بمسيرة التنمية.
سعادة رئيس الوزراء: الاقتصاد والإصلاحات
السودان يحتاج إلى اعتماد نهج اقتصادي متوازن، يجمع بين مبادئ الإسلام والاشتراكية والاقتصاد الحر، للانتقال من حالة الاعتمادية على الواردات إلى أن يصبح مصدراً للسلع والخدمات، مع إعادة تفعيل وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين، والبنية التحتية، مع الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية والبشرية بما يعزز قدراته التنافسية العالمية.
سعادة رئيس الوزراء: التنمية الجغرافية الداخلية
تطوير الولايات والمناطق وفقًا لميزتها التفضيلية، بحيث تكون كل منطقة رافعة للاقتصاد الوطني، مثل الشمال والبحر الأحمر كمنافذ بحرية وتجارة، والشرق كمخزون استراتيجي للأمن الغذائي، والوسط كمركز زراعي وصناعي، ودارفور بمواردها الزراعية بشقيها والتعدينية، مع إعادة إعمار المناطق ودعم الصناعات المحلية، لضمان تنمية مستدامة وشاملة.
سعادة رئيس الوزراء: الدعم الدولي وتحقيق الاستقرار
حاجة السودان إلى دعم دولي فاعل، عبر أدوات غير مباشرة ومؤثرة، لتحقيق الإصلاحات والتنمية، مع ضرورة أن يتصرف رجال الدولة كرجال فكر يترجمون السياسات إلى برامج تنفيذية واضحة بعيدة عن الشعارات والخطابات، من أجل بناء دولة قوية ومتوازنة.
سعادة رئيس الوزراء الحرب كتهديد وجودي
الحرب الدائرة ليست مجرد نزاع عابر بل هي أزمة تهدد كيان الدولة وتعيق كل فرص التنمية، تحويل الموارد إلى آلة حرب يهدد مستقبل الأجيال ويستدعي استجابة وطنية موحدة ورؤية واضحة لإنقاذ البلاد من الهاوية.
سعادة رئيس الوزراء د.كامل: خطوات عملية نحو المستقبل:
1. السلام المجتمعي أولاً: العدالة الانتقالية برعاية محلية ودولية يجب أن تكون على رأس الأولويات. يجب أن تتضمن العملية السلمية عناصر العدالة والمساءلة، لضمان عدم تكرار المأساة.
2. إعادة الإعمار كمعركة: يجب تخصيص الموارد لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وتوفير الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة، لا يمكن الحديث عن مستقبل دون معالجة آثار الماضي.
3. إصلاح المؤسسات كضرورة: تحديث المؤسسات الحكومية لضمان فعاليتها ونزاهتها وخدمتها للمواطنين هو أمر لا يحتمل التأخير، يجب أن يكون الإصلاح شاملاً، لضمان ولائه للوطن لا لأفراد أو جماعات.
4. الأمن والاستقرار كمطلب شعبي: فرض الأمن من خلال قوات موحدة تعمل على حماية المواطنين ومكافحة الجريمة وتأمين الحدود هو أساس أي تقدم. لا يمكن بناء مستقبل في ظل الفوضى وانعدام الأمن.
5. الاقتصاد كقاطرة للتنمية: يجب استغلال كل الموارد الاقتصادية المتاحة وتقليل الاعتماد على المعونات الخارجية، دعم القطاع الزراعي والصناعي والمعادن وإعادة تشغيل المشاريع المتوقفة، هو السبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتي والنمو المستدام، يجب وضع خطة طموحة لتنويع الاقتصاد وتعزيز فرص العمل خصوصاً للشباب.
6. الثقة الدولية كداعم: إظهار التزام الحكومة بالإصلاحات ودعم جهود السلام سيفتح الباب أمام الدعم الدولي المباشر الذي يعين على إعادة إعمار البلاد.
سعادة رئيس الوزراء دور الشعب والمجتمع المدني:
يجب تشجيع المبادرات الشعبية والمنظمات المدنية للمساهمة في جهود السلام والتنمية، تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وتقوية اللحمة الوطنية هو واجب على كل فرد.
سعادة رئيس الوزراء السودان الجديد:
بناء السودان الجديد يتطلب إرادة قوية واستراتيجية واضحة وجهوداً مركزة على استعادة الوحدة والسلام والتنمية الشاملة، بلادنا تمر بمرحلة حرجة وإذا ما عرفت كيف توحد جهودها وتستثمر مواردها وتقف بجانب مواطنيها، فسيكون مستقبلها السودان الحاضر والماضي.
المشهد السوداني الحالي يتطلب تضافر الجهود، وإعادة صياغة النسيج السياسي والاقتصادي بتناغم بين المكون العسكري والمدني وإعادة تقييم اتفاقات السلام وتفعيل هياكل السلطة بشكل فعال لضمان استقرار الوطن، فبناء السودان الحقيقي يبدأ بتحقيق الوحدة الداخلية والاستفادة القصوى من ثرواته واستخدام قدراته في خدمة مصالح شعبه والمنطقة والعالم.
والله المستعان والتوفيق
Info@mohanedosman.com
يمكنك مشاركة هذا المحتوى :
