العنكبوت

الاخبار | مقالات سياسية | إجتماعيه | رياضية

المقالات

العنكبوت: تأصيل المقترح الأمريكي في ضوء تصريحات فولكر  والرفض المصري


د.مهند عثمان التوم:-
في ظل تصاعد التحديات التي يواجهها السودان، تأتي تصريحات فولكر بيرتس رئيس البعثة الدولية السابق للسودان بمثابة صرخة ضمير تحذر من مخاطر التفتت والجمود الذي قد يعصف بالبلاد إن استمرت الأزمة الحالية دون معالجة جذرية، فقد عبر بيرتس عن قلقه العميق من أن استمرار النزاعات والانتكاسات الداخلية قد يقودان إلى تقسيم السودان، وهو ما يتفق مع تصورات العديد من المراقبين والخبراء الذين يرون أن التدخلات الخارجية، بصيغها المختلفة، تلعب دورًا كبيرًا في تغذية الصراعات وإطالة أمدها.

أكد بيرتس على أن الحلول الجزئية كوقف إطلاق النار أو تقديم تعويضات مؤقتة لا تعدو كونها إجراءات ترقيعية لا تلمس الأسباب العميقة للأزمة وتبقى عاجزة عن تحقيق استقرار دائم. وهو موقف يتقاطع مع ما يطرحه غالبية النخب السودانية، الذين يرون أن التدخلات الدولية، لا سيما من القوى الكبرى، تعمل أحياناً على دعم قادة أو جماعات معينة بهدف إدامة حالة الفوضى، لمحاصرة السودان داخل أزمات متكررة، بدلاً من دعم مساعٍ حقيقية لتحقيق السلام والاستقرار.

وفي ذات السياق، تكشف مواقف الولايات المتحدة الأمريكيةالتي يسعى بعض مسؤوليها لإبعاد الحكومة السودانية الحالية عن مؤتمر مبادرتها حول السودان كمحاولة واضحة لإفشال جهود التوصل إلى اتفاقات وبناء توافق وطني باقتراح مشاركة أعضاء حكومة حمدوك واستبعاد الحكومة الحالية مما يشير ذلك إلى أن واشنطن تُفضّل أن تظل الأزمة في حالة اشتعال، في حين تنشغل بها القوى الإقليمية والدولية على حساب السودان ومصالح شعبه.

أما الموقف المصري، الذي يصر على ضرورة مشاركة كافة مكونات الحكومة السودانية، بما فيها التمثيل العسكري، في مؤتمر واشنطن وابعاد جسم قحت وما بعده فهو موقف يرى أن الحفاظ على وحدة السودان واستقراره هو الهدف الأسمى ويجب أن يكون هو الرؤية الأولوية وتدعم هذه الرؤية ما ذهب إليه بيرتس من أن الحلول الحقيقية لا تأتي إلا بإرادة وطنية موحدة، قادرة على التصدي للتحديات، بعيداً عن محاولات إقصاء أو تهميش الأطراف المختلفة، والتي غالبًا ما تنتهي بالفشل أو بأسوأ العواقب.

ويظهر الربط بين صورة الوضع الراهن والتحليل الذي يقدمه بيرتس أن الحل المستدام يتطلب، قبل كل شيء تصحيح موازين القوة الداخلية وإبعاد التدخلات الخارجية التي تعمّق الأزمة من خلال تفعيل دوره المشاركة الفاعلة للأطراف الوطنية، خاصة العسكريين والسياسيين، لضمان أن تكون الحلول وطنية خالصة، بعيدًا عن مصالح خارجية لا تخدم سوى إدامة الأزمة، لإن تعزيز الوحدة الوطنية، وتوفير بيئة سياسية مستقرة، ومحاربة التدخلات الأجنبية، كلها خطوات تُعَبر عن طريق واحد للخروج من المعضلة، على أن تنبع من إرادة سودانية صلبة ووعي عميق بأهمية الحفاظ على وحدة واستقلال السودان، فكما أكد بيرتس، فإن استمرار الأزمة قد يفضي إلى تقسيم الدولة، وتدمير مستقبلها الحقيقي.

يمكنك مشاركة هذا المحتوى :

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *