*فى مثل هذا اليوم من العام ٢٠٢٤ كانت مليشيا الدعم السريع تمضى نحو حتفها وتقاتل من أجل الإستيلاء على جبل موية فدارت معارك شرسة فى قرى شندى فوق وود بانقا وبقية قرى سكر غرب سنار بعد أن عاست فيها خرابا ودمارا وشردت أهلها بقوة السلاح وكان الهدف الغير معلن للمليشيا إحتلال مدينة سنار والدخول إليها من الناحية الشمالية الغربية إلا أن عزمات الرجال كانت أقوى من عتاد المليشيا وإمدادها المفتوح من مصفاة الجيلى عبر شرق النيل ود مدنى إمداد لوجستى وعدة وعتاد عسكرى وقوة بشرية تفوق ما عند القوات المسلحة فى ذلك الوقت وعندما فترت همة المليشيا من دخول سنار قررت دخول جبل موية مستفيدة من وجود بعض أبناء المنطقة قاتلهم الله وإن سلموا أنفسهم الى القوات المسلحة مستفدين من العفو الرئاسى والى جنهم من هلك منهم والى بئس المصير تشيعهم اللعنات الى يوم الدين*.
*وفى هذه اللحظات المفصلية من تاريخ الدولة السودانية تقدم الصفوف فتى نحيف الجسد قصير القامة لكنه ذو شكيمة فيه قوة عمر الفاروق وزهد عثمان وحكمة على ورجاحة عقل أبى بكر تقدم هذا الفتى الصفوف وقاد كتيبة عبدالله جماع وقاتل المليشيا قتال لا هاودة فيه ألا وهو الشهيد يوسف على حمودة الباشا الملقب بالدحيش ففى تلك الظروف العصية العصيبة تعرفت على الشهيد الدحيش فهو قائد من الطراز النادر ولا يشق له غبار حتى المليشيا كانت تهاب قتاله وتتحاشى المحور الذى يقوده الفارس الدحيش وفى صباح العشرين من أبريل ٢٠٢٤ ودعته فى قرية شندى فوق على أمل اللقاء ولم أدرى بأنه كان اللقاء الأخير*.
*دارت معركة حامية الوطيس بقرية شندى فوق تفوقت فيها المليشيا فى العدد والعدة والعتاد وتفوق فيها الشهيد الدحيش بالصمود والبسالة والشرف والرجولة والأخلاق أصدر أوامره للذين معه بالإنسحاب حفاظا عليهم ليدخرهم لمقبل الأيام ولمعارك حاسمة مع المليشيا وتحول الشهيد وحده الى جيش عرمرم يقاتل المليشيا بلا هوادة ويعطل حركة سيرها فكان بطل جسور وأسدا هصور قاتل حتى صعدت روحه الى الله شهيدا وهو ممسكا ببندقيته بعد أن أدخل الرعب فى قلوب أوباش المليشيا الذين عجزوا فى الوصول الى جسده الطاهر الملطخ بدماء العز المعفر بتراب غرب سنار إلا بعد ساعات من إستشهاده وهم يهتفون بصورة هستيرية (يا البرهان تعال شيل دحيشك) وهم لا يعلمون أن الدحيش خرج ليحمى العروض التى إنتهكتها المليشيا وخرج ليحمى الماجدات من بنات السودان من الإغتصاب والإنتهاكات فالدحيش لم يقاتل من اجل البرهان بقدر ما أنه خرج من أجل حماية السودان خرج مقنعا للكاشفات ساترا لهن لا يبتغى عرضا فى الدنيا الزائلة*.
*صعدت روح الشهيد الدحيش الى بارئها وسقط جسده يحكى عن جسارة رجل بألف رجل وعن صمود فارس رضع الفراسة من ثدى أمه وتعلم فنون القتال فى ميادين القتال وقبلها تعلم الحكمة وأصبح قائدا فى أهله وأصبح الشهيد الدحيش مثل النبت الطيب فتحول من رجل الى كتيبة وتحولت قريته لتحمل إسمه بكل فخر فتحولت من القيزان الى قيزان الدحيش ووضعنا حجر أساس لمدرسة إبتدائية تحمل إسم الدحيش ولقد أصبح إسم الدحيش أيقونة فقد تمت تسمية أكثر من خمسين مولود بإسم الدحيش تيمنا به*.
*نم فى أمان الله أيها العملاق فى زمن الصغار فقد هلك معظم الذين فرحوا بشهادتك هلكوا تشيعهم لعنات المظلومين ومحروقات الحشاء وهزم جمعهم وأصبحوا اليوم فى عداد اللاجئين ونطمئنك أن كتيبة الدحيش التى يقودها صديق الدحيش كانت عند الوعد والموعد شاركت القوات المسلحة فى تحرير مصنع سكر سنار وود الحداد والحاج عبدالله وحرروا معها ود مدنى وأكملوا مشوارك النضالى الآن كتيبة الدحيش داخل الخرطوم المحررة وجهتها دار فور وقد تحقق النصر الذى كنت تتمناه يا يوسف على حمودة اليوم يمضى عام على إستشهادك وأصبحت فينا فكرة والفكرة لا تموت يا الدحيش فإن غاب جسدك عنا فأنت حاضر بيننا ومعنا وفينا بطلا عملاقا معنى ومضمون ومفهوم*.
نــــــــــــص شـــــــــوكة
*لقد ذهبت الى قيزان الدحيش عقب إستشهادك فوجدت أهلك مهللين مكبرين مستبشرين بإستشهادك وقابلت إبنك الوحيد على وهو يرتدى لامة الحرب وهو يصر إصرار الأبطال بالتحرك معنا مقاتلا لمن قتلوك كيف لا يكون على كذلك طالما خرج من ظهرك وعندما سألت على إبنك وقلت له عندك كم من الأخوان فقال لى أنا واحد بس فقلت له إن والدك أسد والأسد لا ينجب إلا أسد مثله*.
ربــــــــــــع شــــــــوكــة
*اليوم يمضى عام على إستشهاد البطل الدحيش وعهدا علينا لا ننساك أبدا وستصبح فينا رمز من رموز الشهادة والبطولة والرجولة وعنوان كبير للشرف والنخوة وأيقونة للفراسة*.
yassir.mahmoud71@gmail.com
يمكنك مشاركة هذا المحتوى :