د.مهند عثمان التوم
dr.mohaned@mohanedosman.com
تتجلى الحرب السودانية في أبهى صورها حيث يعاني من أزمات تتراوح بين النزاعات المسلحة والفقر المدقع وانتهاكات حقوق الإنسان. رغم كل هذه المعاناة يبدو أن العالم قد حول نظره عن السودان ليس بسبب نسيان المأساة بل بسبب إهمال متعمد يعكس تحول السياسة الخارجية العالمية من الدبلوماسية الأخلاقية إلى البراغماتية العارية.
كانت السياسات الخارجية في العقود الماضية تتسم ببعض المبادئ الأخلاقية بتبني الدول مواقف تدعم حقوق الإنسان وتساند الشعوب في محنتها، لكن يبدو أن المصالح الاقتصادية والسياسية قد طغت على هذه المبادئ وأصبح العالم ينظر إلى السودان من منظور براغماتي بحت، فالدول الكبرى التي كانت في يوم من الأيام تدعو إلى العدالة والسلام أصبحت تفضل التعامل مع الأنظمة التي تضمن لها مصالحها حتى وإن كانت تلك الأنظمة تتجاهل حقوق مواطنيها.
إن إهمال المأساة السودانية يعكس عدم الاكتراث بمعاناة الشعب السوداني الذي يعاني من ويلات الحروب والنزاعات فبدلاً من تقديم الدعم والمساعدة نجد أن المجتمع الدولي يتجاهل النداءات الإنسانية ويكتفي بإصدار بيانات الشجب والاستنكار دون اتخاذ خطوات فعلية للتغيير.
فالتحول في السياسة الخارجية العالمية تثير تساؤلات عديدة حول القيم التي تحكم العلاقات الدولية اليوم، هل أصبحت المصالح هي المعيار الوحيد الذي يحكم تصرفات الدول؟ أم أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في المبادئ الأخلاقية التي يجب أن تحكم السياسة الدولية؟
يجب على المجتمع الدولي أن يتذكر أن المأساة السودانية ليست مجرد حدث عابر بل هي واقع مؤلم يتطلب تحركاً عاجلاً، إن إهمال هذه المأساة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع ويجب أن العمل على إعادة إحياء الدبلوماسية الأخلاقية التي تضع الإنسان وحقوقه في مقدمة الأولويات، بدلاً من الانغماس في براغماتية عارية لا تعكس سوى المصالح الذاتية.
يمكنك مشاركة هذا المحتوى :
