د.مهند عثمان التوم
dr.mohaned@mohanedosman.com
الفاشر تتراقص بأرواح الأبرياء بمجازر تلو مجازر، دماء تلطخ ظاهر الأرض وتروي باطنها، وفي المقابل ماذا نسمع؟ المنظمات الدولية والإقليمية ومعظم دول العالم الكل يشجب ويستنكر ويدين كأن هذه الكلمات هل ستعيد أرواح أزهقت أو ستضمد اجرحة غائرة أو ستطعم أفواه ايئنت جوعاًً فهي كلمات جوفاء لا تسمن ولا تغني (أها وبعدين؟) سؤال سيتردد صداه في عقل كل سوداني مكلوم سؤال يختنق بالمرارة واليأس سؤال بعد كل هذا الشجب والاستنكار ماذا تغير على أرض الواقع؟ هل توقفت المذابح؟ هل انتهى القتل؟ ليست هناك اجابات غير الوضع يزداد سوء والموت يحصد المزيد من الأرواح ونتفرج على مدينة تدمر وإنسانية تهتك، أين القيم التي يتشدق بها العالم؟ أين المواثيق والمعاهدات التي تحمي المدنيين؟ أين تلك الضمائر التي تدعي أنها لا تنام؟ اعلموا جميعاً إن صمتكم تواطؤ لمشاركتم في الجريمة وتقاعسكم خيانة تساهمون فيها باستمرا. المأساة واستنكاركم نفاق تزيدون به الم الجرح.
لقد تعبنا كشعب سوداني ملكوم من الوعود الكاذبة والشعارات الفارغة، عطشنا لقيادات تتحمل مسؤولياتها الوطنية وتعترف بأخطائها وتعمل بجد وإخلاص لإنقاذ البلاد، نريد قيادات لا تلقي باللوم على الآخرين بل تبحث عن حلول جذرية للأزمة، كشعب سوداني علينا أن نتحمل مسؤوليتنا كاملة لإنقاذ بلادنا، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار يجب أن نضغط على القيادات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين ومحاسبة المتورطين في الجرائم وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
يجب أن لا نتأخر في تحميل المسؤولية؟ نحملها للقيادات التي أشارت إلى الأسباب وللمتسببين في الفاجعة وللشعب الشاهد الصامت؟ جميعهم يتحملون جزء من المسؤولية، فالقيادات تتحمل مسؤولية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الفاجعة وعدم توفير الحماية الكافية للمدنيين وعدم محاسبة المتورطين في الجرائم، والمتسببون في الفاجعة يتحملون المسؤولية المباشرة عن ارتكاب الجرائم والمذابح وترويع المدنيين وتدمير المدينة، والشعب السوداني يتحمل مسؤولية عدم الوقوف صفاً واحداً في وجه الظلم والعدوان وعدم الضغط على القيادات لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتشجيع المتورطين في الجرائم، فالفاشر نزفت والسودان تألم ومن حولنا يكتفي بالشجب والاستنكار، يظل فيه الدم السوداني أرخص من حبر البيانات؟ إننا لا نريد كلمات بل نريد أفعالاً نريد تحركاً جاداً وقرارات حاسمة وضغط حقيقي على المتسببين، ما نريده حماية للمدنيين ومحاسبة للمتورطين ومعالجة اجرحة الوطن، والأهم من ذلك نريد قيادات تتحمل مسؤولياتها وشعب يتحد لإنقاذ بلاده، فهل من مجيب؟ أم أن الفاشر ستظل تذبح ومن حولنا يكتفي بالشجب والاستنكار والسودان يغرق في الفوضى والدمار؟ الخيار لنا والمسؤولية علينا كشعب
بعد أن رفعت القيادات عقيرتها بالخطب الرنانة والبيانات المعسولة ماذا سنجني؟ هل هي سوى مسكنات مؤقتة لآلامنا أم ذر للرماد في العيون؟ هل تتحول هذه الكلمات إلى أفعال ملموسة أم تظل حبيسة الأدراج؟
يمكنك مشاركة هذا المحتوى :


