العنكبوت

الاخبار | مقالات سياسية | إجتماعيه | رياضية

المقالات

فجيعتنا ،،، في إيران

مهما قيل عنهم أنهم فُرس وشيعة روافض فإنهم مسلمون وقوّة إقليمية كبيرة وركيزة من ركائز توازن القوى في المنطقة الأكثر حساسية ( *قلب العالم* ) غير أنهم والمحيط العربي الإسلامي مما يليهم وقعوا في شراك الخصومة بلا طائل، وأسرفت الأطراف في البغي والعدوان حتى لم يتركوا للإصلاح سانحة وكان أشدّها في الحرب العراقية الإيرانية عام ١٩٨٠م والتي دفع الطرفان ثمنها غاليًا جدًا، إذ تدمّرت القوّتان ذاتيًا في ما يُشبه ( *الإنتحار* ) وأصبحتا أعجز عن تحقيق الهدف الإستراتيجي للشعوب العربية والإسلامية في العالم وهو ( *تحرير فلسطين* ) وبالطبع ذلك لن يتم إلّا إذا تدمّر الكيان الصهيوني هذا أولًا، وثانيًا منع أهداف الكيان من التحقّق وهو التمدد والسيطرة على المنطقة من النيل للفرات، بينما إستثمر الكيان هذه الفوضى وقضى على المشروع النووي العراقي عام١٩٨١م ومن يومها أصبحت إيران هي الهدف التالي مع روافدها من عناصر المقاومة  في لبنان ( *حزب الله* ) وحركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزّة وأي تشكيلٍ لاحق على ذات منهج المقاومة ( *الحوثيون* ) في اليمن.
إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية إيران، وصنعت منها شبحًا لتخويف العرب في الخليج والجزيرة العربية ليرتموا في أحضانها ويفتحوا أراضيهم لقواعدها العسكرية ويشتروا كميّات الأسلحة المنتجة أمريكيًا، وحتى أنهم يكذّبون أنفسهم وهم لم يروا من إيران بأسًا ولم يجدوا منها عدوانًا غير نزاع في بعض الجُزر في الخليج، وهو نزاع طالما تكرّر بين الدول المتجاورة، ولكنّهم أي العرب بالغوا في مجاملة أمريكا في إتخاذ إيران عدوًا فقط لأن أمريكا تعاديها.

اليوم الجمعة ( *الأسود* ) ١٣ يونيو ٢٠٢٥م  فجعنا بالهجوم الأمريكي الإسرائيلي وتواطؤ دول عربية على أهداف إيرانية شملت بطّاريات دفاع جوي، ومرابط صواريخ ومواقع تخصيب اليورانيوم، والمفاعلات النووية، ومنشآت تصنيع الطائرات المسيّرة، ومطارات عسكرية، ومراكز القيادة، وعقد الإتصالات العسكرية، ومهاجع القيادات العسكرية، ومنازل علماء الذرة، وأهداف حيوية أخرى كثيرة، وقد كانت الضربة أمريكية بإمتياز برغم الإنكار الساخر والغمز الماكر الذي تسرّب من هُنا وهُناك، لأن الكيان لا يملك هذه القوّة، ولا الأدوات، ولا تحمل ردة الفعل لوحده إن لم تُكن أمريكا معه، وتعهداتها بحمايته من أيّ عملٍ عدائي إيراني.
فجيعتنا في إيران أنَّ لنا ثأرًا مع الصهاينة، لن نهدأ حتى نشفي منهم الغليل وإن طال الزمن، وذلك وعدٌ غير مكذوب من رب العزة، حيثُ كُنّا ندخر قوتها وبرنامجها النووي لكبح جماح هؤلاء القتلة، وردعهم عن هذه ( *البرطعة* ) في حمانا العربي والإسلامي، ولكننا لن نيأس أبدًا من إيجاد الحل، ولعلَّ ذلك يكون قريبًا، بهبةٍ من الشعوب إذا تغشاها ريح يوسف فيجلوا عمى أبصارها، وتنظر لحكام الضعف والهوان، فتطيح بهم ليخلفهم ( *رجال* ) يعيدون مجدنا على أسنة السلاح.
نأخذ على إيران عمق الإختراق الصهيوني، ونجاح الموساد في تفريخ الجواسيس الذين كان أثرهم جليًا في تحديد الأهداف، سيما القادة العسكريين، وعلماء البرنامج النووي، وتهريب الطائرات المسيرة إلى الداخل الإيراني، بل وتعطيل منظومات الصواريخ المنصوبة والموجهة، كل ذلك بأيدي جواسيس ذوي قربى ونفوذ، مثل ما كان من تفخيخ طائرة الرئيس الإيراني ( *إبراهيم رئيسي* ) وزرع قنبلة داخل طائرته العمودية لتنفجر في الجو وتؤدي بحياته في شهر مايو ٢٠٢٤م ، وكذلك الشهيد إسماعيل هنية، الذي حلَّ ضيفًا على إيران، فلقى حتفه بغفلة مضيفيه، حيث تسلّلت يد جواسيس الموساد إلى داخل سكنه الرئاسي، لتزرع قنبلة تؤدي بحياته في يوليو ٢٠٢٤م بُعيد شهرين من إغتيال الرئيس .
حتى بدا للناظر أنَّ إيران دولة يحكمها الجواسيس،
ولذلك كان عليها الإهتمام بهذا الملف، مثلما أهتم به طيّب الذكر الشهيد ( *يحي السنوار* ) الذي طهّر صفوف حركة حماس منهم وبقسوة، حتى أصبحت الحركة نموذجًا للكتمان والسرية والخصوصية، إذ عجزت دولة الكيان ومعها كل مخابرات العالم، والعملاء العرب، عجزوا مجتمعين ولمدة سنتين، وفي قطاع لا تزيد مساحته عن ٣٦٥ كلم٢، عجزوا عن تحديد موقع أسراهم المئتين ونيف، فكيف للكيان أن يحدّد مكان قيادات الصف الأول العسكري والعلماء، ليُضربوا من أول لحظات الحرب، فعلًا هذه فجيعة لا تدانيها فجائعنا التي تناسلت علينا من كل حدبٍ وصوب، وحروب أنهكت قوانا، وشرّدتنا، لكن كُل ذلك يهون في إعادة البناء، فالمعركة لم تنتهي بعد، وإنما هو صراع سرمدي تتجدد موجاته، وتتعدّد وسائله إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا .
وقد بدأ الرد الذي كنا
ننتظرُه بفارغ الصبر خلال ساعات اليوم الطويلة ، إذ أطلقت إيران مئات الصواريخ تجاه المدن والبلدات الفلسطينية المحتلة ، وأحدثت فيها بعض الأضرار ، وأذاعت الرعب في اليهود الذين دخلوا الى الملاجئ كعادتهم ، ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ) الرّد الإيراني نريده أن يكون مستمرا لا وليد اللحظة قصير المدى ، ويكون قدر التحدّي موجها الى المراكز الحيوية للدولة العبرية ، محطات الكهرباء ، والمياه ، القيادات العسكرية والمقار الحكومية ، المطارات ومراكز التجمعات العسكرية ، المصانع الجامعات ومراكز البحوث ، منظومات الأتصال ، كلها أهداف مشروعة وملحة ، حتى يكون للرد وزن وقيمة ، لأن مجرد قصف الشوارع الفارغة ، وبعض البنايات ليس له قيمة في مثل هذا النوع من الحروب الهجينة ، ولن تُشفى أنفسنا إلّا بمشاهد الدمار الذي أحدثته الصهيونية الأمريكية في غزّة، نراهُ في كُل المُدن المحتلّة في فلسطين، وفي كل مستوطنة مُغتصبة.

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا.

يمكنك مشاركة هذا المحتوى :

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *