في خطوة مثيرة بعث د.عبد الله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود”، رسائل خطية إلى 27 من رؤساء وقادة دول الاتحاد الأوروبي، داعياً إياهم لمنح أولوية قصوى لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في السودان، وتأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه البلاد حالة من الفوضى والصراعات المتعددة، ارفق حمدوك في رسائله نسخة من وثيقة “نداء سلام السودان”، التي تتضمن رؤية تحالف “صمود” لحل النزاع، وتشمل ثلاثة مسارات رئيسية تتعلق بالقضايا العسكرية والإنسانية والسياسية والمؤكد أن حمدوك الذي تولى رئيس وزراءالحكومة الانتقالية سابقاً، ليس له السلطة أو الحق في التحدث باسم أبناء السودان بأي صفة، خاصة وأن فترة حكمه قد ساهمت بشكل غير مباشر في إشعال فتيل الحرب.
سلوك حمدوك غريب وامره عجيب، فالشعب مغبون منه، معتبرين بأنه لم يتمكن من تحقيق تطلعاتهم والقيام بإصلاحات جادة تستجيب لاحتياجات الشعب بل إن الكثيرين يرون أنه كان جزءاً من الأزمة، وأن قيادته كانت محفزاً لتأزيم الوضع في البلاد وليس حلّه، فإن دعوات حمدوك إلى السلام تبدو محمّلة بالعلامات الاستفهامية حول شرعيتها؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه بتحقيق الاستقرار، يبقى السؤال: من يمثل حمدوك في الوقت الحالي؟ ومن منح له الحق للتحدث باسم الشعب، في حين يشعر الكثير منهم بالاغتراب عن العمليات السياسية والتي يبدو أنها بعيدة كل البعد عن واقعهم المعيش؟ فحمدوك اضحى اليوم متعرياً غير مقبول أواسط الشعب السوداني الذي رجسه بمكانيات وزمانيات معلومة وأصوات الجاليات السودانية التي اسمعته الأصوات، كانت تلك الأصوات تعبر عن ملايين الشعب السوداني
تكمن المشكلة في أن التحركات السياسية خاصة تلك التي تشمل القوى والأحزاب التقليدية،تواجه تحديات كبيرة في بناء الثقة مع الجماهير، لا يكفي إصدار البيانات والنداءات الدولية بل ينبغي أن تكون هناك خطوات عملية تتمثل في تمثيل حقيقي للشعب يتجاوز الأجسام السياسية الحالية، وتبقى السياقات التاريخية والسياسية للسودان حاضرة بقوة، إذا أراد حمدوك أن يكون له تأثير حقيقي في دعم السلام، يجب عليه أولاً إعادة بناء الثقة مع الشعب قبل الانطلاق في مسارات دبلوماسية قد تكون في بعض الأحيان غير فعالة أو بعيدة عن اهتمامات المواطنين.
إن تحقيق السلام في السودان يتطلب موافقة وتعاون جميع الأطراف الفاعلة بما في ذلك الأصوات المعبرة عن هموم الناس العاديين، تحتاج البلد إلى قيادات تدرك عمق الأزمة وتكون قادرة على ترسيخ أسس الاستقرار وفقًا لمطالب وتطلعات المجتمع.
يمكنك مشاركة هذا المحتوى :


